الأحد، 27 فبراير 2011

أوراق لم تحملها الريح!



 كم رسمتك
في إغفاءات عمري
 نجما متألقاً
يضيء عطره
كل فضاءاتي التي اتعبها
السفر
كم رسمتك ....
في تألق زهر اللوز
في شتاءاتي الحزينة
في ليالي صيفي
المهزومة
ثم محوتك ......
محوت قلاعك وحصونك
محوت نجمات حلمك
محوت انتصاراتك
في ثواني....
رسمتك الشمس التي لا تنطفيء
في أوراق  ذاكرتي ....
لكني هربت منك خوفا من أن تحرق
بيتي وعنواني ....
ثم عدت
أرسمك قمرا  في ظلمة ليلي
عدت ...أعد النجوم في مقلتيك
وجدت نفسي طفلة صغيرة
تهرب مني
كي تختبئ في وجهك الحاني ...
رسمتك....محوتك
قبلتك..شنقتك..رسمتك..احتضنتك
محوتك
بكيتك..كرهتك  في ذاكرتي آلاف المرات
جهزت نفسي للرحلة الأخيرة
ملايين المرات
رقصت رقصتي الأخيرة
بكبرياء كاسح
ملايين المرات
لكنك بقيت سيد جراحي
فنجان قهوتي ....وذهول  قصائدي
كلما هممت بمحوك من حياتي ثانية
تمحوني..................
أجدني ضائعة بين ثواني عمري
أنسج العراء
بخيوط أحلامي ......
لماذا لا تنمحى من ذاكرتي
 وفساتيني
وحبر أوراقي
لماذا  انت محفور كقصيدة
على حيطان غرفتي،،
أعمدة الهاتف
الممتدة
في البعيد...
تدميني
تسحق  كحلي ومكاتيبي،،
فأي عالم يخلو من بسمة عينيك
هو سجني..
وأي عبارات تخلو من رحيق شفتيك
من الموت تدنيني .....
أيها المتمرس خلف أفق العذاب وحقول الضباب:
ما لونك ..ما عنوانك....
ما نكهة نبض قلبك
ما رائحة العطر في عروق يديك
أي جنون جاء بك لتستولي على شراييني
وشرائط شعري.........
كيف تنام العصافير على كفيك..
كيف ينبت الحب من عطشك
كيف يسيل الشوق من عسل عينيك
ليحتل أرضي ويستوطن مدني وأشرعتي
ويحرق سفني وموانئ حنيني
يا أيها الهائم على وجهك
ألا يعنيك موتي ..
ألا يبُكيك انكسار شمسي ..
ألا يمكن أن تشقى بعدي ...
تمعن في الرحيل
وفي خاصرتي
تترك كل مرة
سكين أمانينا..
يا فاتحا كل العواصم ...
ألا يكفيك حكم أعظم عاصمة
عرفتها عيناك ...
كن ما تكون ...
كن من تكون ..
غادرني ...اسكن بيتي وعيوني
اسكن أضواء الشارع
التحف ما تبقى من رسمي
اترك البرد يقتل كلماتي
اهجرني ...
اكسرني
اقتلني.......
أدنو بمقعدك من وجهي
حاصرني
انهض كل صباح
وارسم على نافذتك جنوني
فتش في مراياك
عن عيوني،
حطمني ....
دع حطامي على مقعد يتيم
 هناك في شارع عام
في شرفات بيتك ....
في  ترحالك..
في لمسة السحر على حدود امرأة
سواي....
فانا يا سيدي يحيني...
أن أبقى بينك وبين نفسك
بينك وبين سيدة أخرى
تحتويها ذراعاك يوما ما...
بينك وبين إمرأة سواي
تقبلها ..........وتذكرني
تبتسم في وجهها .......وتراني دونها
تعلن لها أنك تحبها....
والكلمات بين طياتها وحروفها
وجمرها ...
سأظل أنا وحدي ............أسكنها

الخميس، 24 فبراير 2011

يوميات امرأة



يوميات امرأة

لماذا في مدينتنا ؟
نعيش الحب تهريباً وتزويراً ؟
ونسرق من شقوق الباب موعدنا
ونستعطي الرسائل
والمشاويرا
لماذا في مدينتنا ؟
يصيدون العواطف والعصافيرا
لماذا نحن قصديرا ؟
وما يبقى من الإنسان
حين يصير قصديرا ؟
لماذا نحن مزدوجون
إحساسا وتفكيرا ؟
لماذا نحن ارضيون 
تحتيون .. نخشى الشمس والنورا ؟
لماذا أهل بلدتنا ؟
يمزقهم تناقضهم
ففي ساعات يقظتهم
يسبون الضفائر والتنانيرا
وحين الليل يطويهم
يضمون التصاويرا
أسائل نفسي دائماً
لماذا لا يكون الحب في الدنيا ؟
لكل الناس
كل الناس
مثل أشعة الفجر
لماذا لا يكون الحب مثل الخبز والخمر ؟
ومثل الماء في النهر
ومثل الغيم ، والأمطار ،
والأعشاب والزهر
أليس الحب للإنسان
عمراً داخل العمر ؟
لماذا لايكون الحب في بلدي ؟
طبيعياً
كلقيا الثغر بالثغر
ومنساباً
كما شعري على ظهري
لماذا لا يحب الناس في لين ويسر ؟
كما الأسماك في البحر
كما الأقمار في أفلاكها تجري
لماذا لا يكون الحب في بلدي
ضرورياً
كديوان من الشعر
انا نهدي في صدري
كعصفورين
قد ماتا من الحر
كقديسين شرقيين متهمين بالكفر
كم اضطهدا
وكم رقدا على الجمر
وكم رفضا مصيرهما
وكم ثارا على القهر
وكم قطعا لجامهما
وكم هربا من القبر
متى سيفك قيدهما
متى ؟
يا ليتني ادري
نزلت إلى حديقتنا
ازور ربيعها الراجع
عجنت ترابها بيدي
حضنت حشيشها الطالع
رأيت شجيرة الدراق
تلبس ثوبها الفاقع
رأيت الطير محتفلاً
بعودة طيره الساجع
رأيت المقعد الخشبي
مثل الناسك الراجع
سقطت عليه باكية
كأني مركب ضائع
احتى الأرض ياربي ؟
تعبر عن مشاعرها
بشكل بارع ... بارع
احتى الأرض ياربي
لها يوم .. تحب فيه 
تبوح به 
تضم حبيبها الراجع
وفوق العشب من حولي
لها سبب .. لها الدافع
فليس الزنبق الفارع
وليس الحقل ، ليس النحل
ليس الجدول النابع
سوى كلمات هذى الأرض 
غير حديثها الرائع
أحس بداخلي بعثاً
يمزق قشرتي عني
ويدفعني لان أعدو
مع الأطفال في الشارع
 أريد ...  أريد
كايه زهرة في الروض
تفتح جفنها الدامع
كايه نحله في الحقل
تمنح شهدها النافع
 أريد ... أريد أن أحيا
 بكل خليه مني
مفاتن هذه الدنيا
بمخمل ليلها الواسع
وبرد شتائها اللاذع
أريد.. اريد أن أحيا
 بكل حرارة الواقع
بكل حماقة الواقع
يعود أخي من الماخور 
عند الفجر سكرانا 
يعود .. كأنه السلطان 
من سماه سلطانا ؟
ويبقى في عيون الأهل
أجملنا ... وأغلانا 
ويبقى في ثياب العهر
اطهرنا ... وأنقانا
يعود أخي من الماخور
مثل الديك .. نشوانا
فسبحان الذي سواه من ضوء
ومن فحم رخيص نحن سوانا
وسبحان الذي يمحو خطاياه
ولا يمحو خطايانا
تخيف أبي مراهقتي
يدق لها
طبول الذعر والخطر
يقاومها
يقاوم رغوة الخلجان
يلعن جراة المطر
يقاوم دونما جدوى
مرور النسغ في الذهر
أبي يشقى
إذا سالت رياح الصيف عن شعري
ويشقى إن رأى نهداي
يرتفحان في كبر
ويغتسلان كالأطفال
تحت أشعه القمر
فما ذنبي وذنبهما
هما مني هما قدري
متى يأتي ترى بطلي
لقد خبأت في صدري
له ، زوجا من الحجل
وقد خبأت في ثغري
له ، كوزا من العسل متى يأتي على فرس
له ، مجدولة الخصل
ليخطفني
ليكسر باب معتقلي
فمنذ طفولتي وأنا
أمد على شبابيكي
حبال الشوق والأمل
واجدل شعري الذهبي كي يصعد
على خصلاته .. بطلي
يروعني 
شحوب شقيقتي الكبرى
هي الأخرى
تعاني ما أعانيه
تعيش الساعة الصفرا
تعاني عقده سوداء
تعصر قلبها عصرا
قطار الحسن مر بها
ولم يترك سوى الذكرى
ولم يترك من النهدين
إلا الليف والقشرا
لقد بدأت سفينتها
تغوص .. وتلمس القعرا
أراقبها وقد جلست
بركن ، تصلح الشعرا
تصففه .. وتخربه
وترسل زفرة حرى
تلوب .. تلوب .. في الردهات
مثل ذبابة حيرى
وتقبح في محارتها
كنهر .. لم يجد مجرى
سأكتب عن صديقاتي
فقصه كل واحده
أرى فيها .. أرى ذاتي
ومأساة كمأساتي
سأكتب عن صديقاتي
عن السجن الذي يمتص أعمار السجينات
عند الزمن الذي أكلته أعمدة المجلات
عن الأبواب لا تفتح
عن الرغبات وهي بمهدها تذبح
عن الحلمات تحت حريرها تنبح
عن الزنزانة الكبرى
وعن جدارنها السود
وعن آلاف .. آلاف الشهيداتِ
دفن بغير أسماء
بمقبرة التقاليد
صديقاتي دمى ملفوفة بالقطن
داخل متحف مغلق
نقود صكها التاريخ ، لا تهدى ولا تنفق
مجاميع من الأسماك في أحواضها تخنق
وأوعيه من البلور مات فراشها الأزرق
بلا خوف
سأكتب عن صديقاتي
عن الأغلال دامية بأقدام الجميلات
عن الهذيان .. والغثيان .. عن ليل الضرعات
عن الأشواق تدفن في المخدات
عن الدوران في اللاشيء
عن موت الهنيهات
صديقاتي
رهائن تشترى وتباع في سوق الخرافات
سبايا في حريم الشرق
موتى غير أموات
يعشن ، يمتن مثل الفطر في جوف الزجاجات
صديقاتي
طيور في مغائرها
تموت بغير أصوات
خلوت اليوم ساعات
إلى جسدي
أفكر في قضاياه
أليس هوالثاني قضاياه ؟
وجنته وحماه ؟
لقد أهملته زمنا
ولم اعبا بشكواه
نظرت إليه في شغف
نظرت إليه من أحلى زواياه
لمست قبابه البيضاء
غابته ومرعاه
إن لوني حليبي
كان الفجر قطره وصفاه
أسفت لا نه جسدي
أسفت على ملاسته
وثرت على مصممه ، وعاجنه وناحته
رثيت له
لهذا الوحش يأكل من وسادته
لهذا الطفل ليس تنام عيناه
نزعت غلالتي عني
رأيت الظل يخرج من مراياه
رأيت النهر كالعصفور ... لم يتعب جناحاه
تحرر من قطيفته
ومزق عنه  تفتاه 
حزنت انا لمرآه
لماذا الله كوره ودوره .. وسواه ؟
لماذا الله أشقاني
بفتنته .. وأشقاه ؟
وعلقه بأعلى الصدر
جرحاً .. لست أنساه
لماذا يستبد ابي ؟
ويرهقني بسلطته .. وينظر لي كانيه
كسطر في جريدته
ويحرص على أن أظل له
كأني بعض ثروته
وان أبقى بجانبه
ككرسي بحجرته
أيكفي أنني ابنته
أني من سلالته
أيطعمني أبي خبزاً ؟
أيغمرني بنعمته ؟
كفرت انا .. بمال أبي
بلؤلؤة ... بفضته
أبي لم ينتبه يوماً
إلى جسدي .. وثورته
أبي رجل أناني
مريض في محبته
مريض في تعنته
يثور إذا رأى صدري
تمادى في استدارته
يثور إذا رأى رجلاً
يقرب من حديقته
أبي 
لن يمنع التفاح عن إكمال دورته
سيأتي ألف عصفور
ليسرق من حديقته
على كراستي الزرقاء .. استلقي يمريه
وابسط فوقها في فرح وعفوية
أمشط فوقها شعري
وارمي كل أثوابي الحريرية
أنام , أفيق , عارية 
أسير .. أسير حافية
على صفحات أوراقي السماوية
على كراستي الزرقاء
استرخي على كيفي
واهرب من أفاعي الجنس
والإرهاب .. والخـوف
 واصرخ ملء حنجرتي
انا امرأة .. انا امرأة
انا انسانة حية
أيا مدن التوابيت الرخامية
على كراستي الزرقاء
تسقط كل أقنعتي الحضارية
ولا يبقى سوى نهدي
تكوم فوق أغطيتي
كشمس استوائية
ولا يبقى سوى جسدي
يعبر عن مشاعره
بلهجته البدائية
ولا يبقى .. ولا يبقى
سوى الأنثى الحقيقة
صباح اليوم فاجأني
دليل أنوثتي الأول
كتمت تمزقي
وأخذت ارقب روعة الجدول
واتبع موجه الذهبي
اتبعه ولا أسال
هنا .. أحجار ياقوت
وكنز لألي مهمل
هنا .. نافورة جذلى
هنا .. جسر من المخمل
..هنا
سفن من التوليب
ترجوا الأجمل الأجمل
هنا .. حبر بغير يد
هنا .. جرح ولا مقتل
أأخجل منه 
هل بحر بعزة موجه يخجل ؟
انا للخصب مصدره وأنا يده
وأنا المغزل  


"نـزار قـبانـي"

نجم الصباح

كم يشبهني نجم الصباح..في إشراقة عمري ..وفي إنطفاء بسمتي حين أشعر بالألم...